في الوقتِ الذي كانت تسيلُ فيهِ دماءُ الكتابةِ إليكِ على أوراقي ..
تكوّنتْ من الريحِ شجرة،
قطفتُ صوركِ منها ثماراً...
ثم جلستُ في الظلّ
كمن ينذر نفسه للعاصفة... بكل ما أُوتي من عاطفة...
فانهمرتِ على قلبي بغزارة أمطارٍ جاءت بعد صلاة استسقاء...
ما من صوفيٍّ في الأرض تخلّفَ عنها...
وتشكّلَ من قناديل السماء طيفكِ في الفضاء،
فتسلّقتُ على ظهور أحلامي
لأصفع الوهم بكفّ قبلة الحقيقة!
وفي خِضمِّ كلّ ذلك...
نَبَتِّ زهرةً في أَقبيةِ ذاكرتي السحيقة...
وأنا مُحاطٌ بكِ في اللامكان ,
خرج صوتكِ من الجدران ..
كنتِ تقولين كل الكلماتِ التي أُريدها في وقتٍ واحد ..
كنتُ أتشظّى
لأجمع الكلمات...
كنتُ كمن يغرق ويتشبّثُ بما تقولينَ
وما تقولينَ طوق النجاة...
كنت وحيداً لكن معيَ ألف أُنثى... كلّهنَ أنتِ...
وكلّكُنّ ذكريات...!
فجأة ،
تلاشيتِ مثل ورقةٍ تحترق...
كنتِ تمنحيني الدخانَ
كنتُ أختنقْ ...
وحينَ اختفيتِ...
غدوتُ رمادا...!
هبّتْ عليه نسائم من عطرك
فعادَ
خيالاً يتّبع ظِلاًّ في الخيال ...!
حبواً على الهامش...
خبا ضياء الكون بغتة
ماتَ الكَرى
هاجَ الودق ...
ما ظلّ نورٌ
ما رأيتُ
سوى عيونكِ في الغسق ...
وفي الوقتِ الذي كانت تسيلُ فيهِ دماءُ الكتابةِ إليكِ على أوراقي...
كنتِ تحتفين بحريق طروادة
وتغنين أشعار هوميروس
على طريقةِ نيرون
حينها , كنت أنا خشبة السيرك الكبير
تلتهمني نيرانكِ
معلنةً دمار حلميَ روما...
فهربتُ باحثاً عنِ الكوّةِ في جدران حبكِ الأربعة
لكني ما وجدتُ الجدران...
الوقتُ يمضي حبيبتي،
وأنا ما زلتُ خلف قضبان لقائنا الأخير،
...أُراقبكِ من هناك، ويلوكُني الهلاك
وحين كان الأملُ موجة، كانتِ الحقيقة ضفة...
لكن البحر الغادِرَ غادرَ
معكِ ... وتركني في القاع الذي تيبّس من اليأس...
مثل سفينةٍ ليس لها مرسى ...
تراءيتِ لي سراباً ذات يوم
وإليهِ جرّني العطش
- كما تجرّ أنيابُ الضبعِ فؤادَ الطريدة - ،
وحين كنتُ أقتربُ كان يغيب...
فيُثقل الصدى النحيب...
أنا المجنون بحبكِ مثلَ قيس ليلى...
ذات ليلة،
فعلتُ كـ بجماليون
حطّمتُكِ كما حطّمَ جالاتيا...
ثم وقفتُ أمام أشلائي
ألقيتُ نظرتي الأخيرة
وانتحرتُ مثل روميو
وأنا أجهلُ أنكِ مثل جولييت
لم تموتي...
لستِ مثل جولييت،
أنتِ غرزتِ الخنجر بصدر جثتي المرمية
بهمجية
على رصيف التفكير فيكِ...
حين كنتُ أُقاتلُ جيش حبكِ
قالوا لي بأنكِ ستموتين إن لم أعُدْ
فانتحرتُ
لكني لم أمُتْ بين ذراعيكِ
كما مات أنطونيو بين ذراعي كليوباترا،
أنا متُّ وحيداً
مثل نبتةٍ في العراء...
فخذلتِني في الممات كما خذلتِني في الحياة ..
لم تلحقي بي
مثلما لحقتهُ كليوباترا...!
تعالي، أنا قبرٌ يريدكِ باقة ورد...
وفي الوقت الذي كانت تسيل فيه دماءُ الكتابة إليكِ على أوراقي...
وبعدَ أيامٍ
كـ " مئة عامٍ
منَ العزلة "
شعرتُ بكِ تتألمين...
وأنا أبحثُ فيكِ عنّيَ بين أكوام جثث العاشقين...
حين كنتِ تتنهدين...
حين كان حزنكِ مزمارا...
حين كان دمعكِ مدرارا...
كان طرفكِ ممتداً إليّ جسراً بين عالَمَين...
ومن دموعكِ وأشعة القهر... بدأتُ أنبتُ منَ القبر...!
//////////////////////
- خشبة السيرك الكبير: يقال أن حريق روما بدأ من القاعدة الخشبية للسيرك الكبير فيها
والخشبة / واحدةُ الخشب...
- بجماليون وجالاتيا : أبطال أسطورة اغريقية تناولتها الكثير من الاعمال الادبية اشهرها لبرناردشو ،
وتوفيق الحكيم
وفي الاسطورة ينحتْ بجماليون تمثالاً ويطلب من آلهة الحب فينوس أن تبعث فيه الحياة فتتفعل وتكون جالاتيا التي أحبها , وفي الاسطورة يُحكى أن بجماليون حطم جالاتيا بعد أن أعادتها الآلهة تمثالاً بناءاً على طلبه لأنها أحبتْ غيره وهربت معه ولم تكن كما أراد وأحَب...
- روميو وجولييت: أبطال رواية في التراجيديا لوليم شكسبير
جولييت تطعن نفسها بالخنجر منتحرة حين تستيقظ بعد انقضاء فترة تأثير الدواء لترى جثة روميو الذي انتحر حين ظنها انتحرت لأجله وهو لايعلم أن في الأمر خدعة وأنها لم تمتْ ..
- مارك انطونيو وكليوباترا: أبطال رواية في التراجيديا لوليم شكسبير
انطونيو وهو في إحدى المعارك يصاب بخيبة أمل بعد انضمام أسطول كليوباترا لجيش عدوه اوكتافيوس فيفكر بقتلها لخيانتها له، بعد ذلك ترده أخباراً بأن حبيبته كليوباترا قررت أن تحبس نفسها في مكان حتى يعود لها أو تهلك دونه , فيحاول الانتحار إلا أنه يُجرح جرحاً عميقاً ثم يذهب ليموت بين أحضان كليوباترا بعد علمه بأنها مازالت حية، بعد ذلك تنتحر كليوباترا على أمل اللقاء بأنطوينو في الحياة الأُخرى...
- مئة عام من العزلة: رواية لغابرييل كارسيا ماركيز، فيها الكثير من الأحداث وتدور هذه الاحداث في أزمنة وأمكنة تشبه الازمنة والامكنة الواقعية لكن الكاتب تركها لخيال القارىء، لتكون ( أزمنة وأمكنة وهمية تشبه الواقعية، كما أن في الرواية بحثاً عن معانٍ حقيقية للحياة وبالاخص الحب الحقيقي حسب بعض القراءات النقدية )، وتدور أحداث الرواية في عشرة عقود من الزمن المر...